تفسير قوله تعالى: (ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر)
قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢].
أي: ليغفر الله لنبيه ما صدر عنه من خلاف الأولى مما عوتب عليه في شأن عبد الله بن أم مكتوم، وفي شأن أخذ الفداء من أسرى بدر، وما يشبه ذلك.
وهذا لم يكن لأحد ممن مضى لا الأنبياء والرسل ولا غيرهم من الخلق، وكل ما ورد في أن الله يغفر من الذنوب ما مضى منها وما هو آت لم يصح بذلك حديث.
فمعنى قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] أي: من ذنب أبويك آدم وحواء، ومن ذنب المذنبين من أمتك.
قال الله تعالى: ﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ [الفتح: ٢] أي: ليكون ذلك تمام نعمة الإسلام والنبوة والرسالة والأحكام والدولة، فقد أتم الله على نبيه ما أرسل من أجله، وما دعا الخلق إليه، ففرضت جمع الأركان، وتم النصر المبين، وخضعت مكة والجزيرة، ورُعبت الروم وفارس، ونصر الله نبيه مسيرة شهرين شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وسحق أعداءه، ونشر دينه، ونصر الأنصار والمهاجرين وجعلهم سادة الأرض وأئمتها، وأتم الله عليه نعمته، وأتم عليه رسالته بتحقيق أحكامها وأهدافها وغاياتها، وما يتعلق بالنعمة في دار الدنيا وفي الآخرة.
قال الله تعالى: ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ٢] أي: ويزيد الله هدايتك للطريق المستقيم فيما يشرّعه لك من أحكام مدنية وعسكرية وعبادات ومعاملات داخل دولتك وأمتك، وخارجهما مع أعدائك ومع الناصبين لك العداء.