معنى البيعة
والبيعة معناها أن يبيعوا نفوسهم وحياتهم لله، كما قال ربنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١] فهذه البيعة كتلك، والله جل جلاله يعلم الصادق من الكاذب، والكاذب إنما يفر بنفسه ويُحرم هذا الخير، والصادق قد فعل هذا فما عليه إلا أن يلتزم به ويقف عنده، فالله اشترى أنفسنا وبذل لنا الثمن وأغلى فيه، أعطانا الثمن الجنة، وهذه الأرواح والنفوس هي ميتة لا محالة بعناها لله أو لم نبعها؛ ولكننا عندما نبيعها لله نقبض عليها الثمن، ويكون الثمن الجنة والرضا والرحمة.
قال تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ [الفتح: ١٠] فمن نكث البيعة، ومن غدر العهد، ومن رجع عن الميثاق فإنما يغدر بنفسه، وينقض العهد على نفسه، وسيلقى جزاءه فلا يدخل الجنة لأنه لا يستحقها.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ١٠] أي: لم ينقض العهد، وإنما ثبت عليه، وقام بما أوجب على نفسه، وثبت على بيعته لله ورسوله، فسيأتيه الله يوم القيامة الأجر الكبير العظيم والثواب العالي، وهو ما بينته الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: ١١١]، فالثواب العظيم والأجر الكبير هو الجنة، ويا سعادة من قال ذلك وعاهد عليه، وأوفى به، وأخذ الثمن من الله رضاً ورحمة وجنة.
وقوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠] أي: أن يد النبي ﷺ نائبة عن الله، وهذا من نيابة الرسول عن المرسل.