تعريف الحسد والغيرة
والحسد: تمني زوال النعمة عن الغير حصلت عليها أم لم تحصل، والغيرة: تمني أن يكون عندك ما عند الآخر، فالغيرة معروفة وفيها يتنافس العقلاء والمؤمنون، والحسد قبيح وهو صفة من صفات المنافقين وصفة من صفات المبغضين الحاقدين.
فقوله تعالى: ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا﴾ [الفتح: ١٥] أي: سيجيبكم هؤلاء الأعراب بأنكم حسدتموهم، ولم تريدوا لهم الخير بأن طردتموهم من أن يكونوا شركاء في هذه الغنائم، وما ذلك إلا حسد منكم.
قال الله تعالى: ﴿بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الفتح: ١٥] أي: ليس عندهم شيء يحسدون عليه فهم كذبة منافقون، ولكنهم قليلاً ما يفهمون، فلا يفقهون ديناً ولا فهماً ولا علماً، وإنما قالوا ذلك لجهلهم بحقائق الأمور، ولعدم إخلاصهم بالإيمان والإيقان.
ومجمع تفسير الآية الكريمة: بأن النبي عليه الصلاة والسلام عندما عزم على الذهاب للعمرة أرسل رسله وبعوثه للقبائل المحيطة بالمدينة مثل قبيلة: أسلم وخزيمة؛ ليعتمروا معه صلى الله عليه وسلم، وليدحضوا الطوائف والقبائل التي تصد رسول الله ومن معه عن الدخول إلى مكة معتمرين، ، ليكونوا قد استعدوا لهم بالكثرة وبالجند وبالسلاح، فحضرت قلة من المؤمنين المخلصين، وتخلف الكثرة وتبين أنهم كانوا منافقين.
ووعد الله المؤمنين بأنهم سيقاتلون أهل خيبر؛ لأنهم غدروا ونكثوا العهد، فقد ألّبوا على رسول الله ﷺ القبائل من أهل الجزيرة يريدون قتاله وغلبته، وهيهات هيهات أن يتم لهم ما يريدون، ولكن المخلفين عندما سمعوا بأن هؤلاء سيذهبون لقتال خيبر - وكانت خيبر غنية بالأموال وبالإبل وبالزراعة - طمعوا في الحضور؛ ليكسبوا من هذه الغنائم.
وهم لم يحضروا من قبل معاهدة الحديبية؛ ظناً منهم أن النبي ﷺ والمؤمنين لا يعودون لأهلهم سالمين، فعندما كبتوا وعاد النبي ﷺ سالماً منصوراً نصراً عزيزاً مؤزراً، طمعوا في حضور معركة خيبر؛ ليأخذوا من غنائمها ومن أموالها، ولكن الله منعهم من أن يشاركوا نبيهم، وسيجيبون بعد ذلك رسول الله ﷺ والمؤمنين بأن الحسد هو الذي منعكم من أن تقبلوا حضورنا ووجودنا في غزوة خيبر؛ لكي لا نشرككم في الغنائم.
فسخّف الله عقولهم وفهمهم، وقال: ﴿بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الفتح: ١٥] أي: بل كان فكرهم وفهمهم واطلاعهم قليلاً، ولم يكن منهم إلا القلة المؤمنة المخلصة هي التي تفهم، وأما الكثرة المنافقة فقد كانت تهرف بما لا تعرف.


الصفحة التالية
Icon