تفسير قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)
ثم قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [الفتح: ٢٨].
يعد الله في هذه الآية المؤمنين الأولين والآخرين فيقول: هو الذي أرسل رسوله بالهدى والنور الذي يبدد الظلمات والباطل؛ ليسود على الأرض ويعم الكون بأسره.
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الفتح: ٢٨] أي: ليؤيده وينصره على جميع الأديان: على الديانة النصرانية، والديانة اليهودية، وبقية الأديان الباطلة الوثنية والشيوعية وما إلى ذلك، وقد كان ذلك في عصر من العصور، وسوف يعود النصر والتمكين، وسينشر الله دينه ويخضع له جميع أمم الأرض وجميع شعوبها، وذلك قول رسول الله ﷺ بياناً لهذه الآية عندما قال: (والذي نفس محمد بيده لا تنتهي الدنيا حتى يبلغ هذا الدين مبلغ الليل -والليل يبلغ الأرض كلها- ولا تقوم الساعة حتى يبلغ هذا الدين مبلغ النجم -والنجم مشرف على الأرض كلها- والذي نفس محمد بيده! لا تقوم الساعة حتى يبلغ هذا الدين مبلغ كل حجر ومدر ووبر) وأرض الحجر أرض الحضارة، وأرض المدر أرض القرى والبداوة، والخيام هي أرض البدو الرحل، أي: لا تنتهي الدنيا حتى يعم دين الإسلام جميع طبقات الأرض، وجميع سكان الأرض، فذاك وعد الله الذي لا يخلف الميعاد.
يقول تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [الفتح: ٢٨] وكأن قائلاً يقول: من يشهد على هذا القول؟ كيف يكون ذلك والكفر ضارب أطنابه، والمسلمون مستذلون في مختلف بقاع الأرض؟! فيقول ربنا: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) فيكفي أن يشهد على هذا خالق الكون، ومدبر الأرض، ورازق العالم، والذي بيده الأمر والخلق جل جلاله، وعز مقامه.