معنى قوله تعالى: (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم)
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ [محمد: ٤].
(ذَلِكَ) أي: الأمر بقتال الكافرين وضرب رقابهم، والإثخان في قتلهم، ثم المن أو الفداء.
﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ أي: ولو شاء الله لما أمر بحرب ولا قتال ولانتقم من الأعداء بلا حرب ولا قتال، ولو فعل ذلك لفعله مع حبيبه وآخر أنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو لم يفعل، فقد قاتل عليه الصلاة والسلام الأعداء، وجرح وقتل منهم، وكانت الحرب سجالاً بين المؤمنين والكافرين، يوم لهم ويوم عليهم، وهكذا إلى أن أدال الله للمسلمين وهزم الكافرين، وكانت العاقبة لنبيه ﷺ والمؤمنين.
ولكن الله فعل ذلك لحكمة، وهي ما قاله تعالى: ((لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)) أي: ليختبر المؤمن بالكافر والكافر بالمؤمن وليفتن بعضهم ببعض، وليرى -وهو العالم قبل ذلك- من الذي سيقاتل ممتثلاً لأمر الله حتى يبذل حياته رخيصة في سبيل الله ومن سيجرؤ من الكفار فيقاتل من يقول: لا إله إلا الله، غير عابئ بشيء لا بالأوامر ولا بالزواجر والروادع الواردة عن الأنبياء وفي كتب الله، فهو يبتلي المؤمنين بالكافرين، فيعاقب الكافرين بالنار واللعنة، ويجازي المؤمنين بالجنة والرحمة.