بقاء حكم المن والفداء في الأسرى
ولكن قال تعالى لمن يأتي بعده: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ [محمد: ٤] أي: إذا قابلتم عدوكم في معركة، فاضربوا منهم الرقاب، أي: قاتلوهم قتال الصناديد الأشاوس الشجعان، قتال من دخل الحرب وهو لا يريد أن يخرج منها إلا قاتلاً أو مقتولاً.
فاقصدوا في ضرب أعدائكم رقابهم؛ لكي لا يفكروا في الحياة بعد ذلك؛ لأن في قتل الكافر حياة للمسلمين، والسيف شعار للقوة، فضرب الرقاب في كل عصر بحسب سلاحه، فضرب الرقاب كان بالسيف وقتها، والسيف هو سلاح القائد، وضرب الرقاب أيضاً بالقنابل وبالصواريخ وبالمدافع وبالطائرات وبالغاز الخانق، وبكل ما يوصل إلى سحق العدو وقتله، ونصر الإسلام والمسلمين، أشخاصاً وعقيدة وأوطاناً.
والنبي عليه الصلاة السلام فعله وعمله في حروبه وفي غزواته، وهو ما فهمه الأئمة: مالك والشافعي وأحمد، وفي رواية: أنه عاد لقولهم أبو حنيفة وهو رأي الجماهير، والآية محكمة وليست بمنسوخة.
قال تعالى: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [محمد: ٤] الكافر: هو كل من لم يؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [محمد: ٢] فلا يتم الإيمان إلا أن يكون مع عمل الصالحات، وإيماناً بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى: ((وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ))، أي: محمد هو الحق، وما أنزل عليه من كتاب حق، والمنزل عليه حق، جل جلاله وعز مقامه.


الصفحة التالية
Icon