ما فعله رسول الله ﷺ مع الأسرى في حروبه
والنبي ﷺ في حروبه أسر، ومنَّ، واسترق، وفدى، كل ذلك قد فعله عليه الصلاة والسلام، ففي غزوة حنين عندما أسر ستة آلاف ظعينة -أي: امرأة وطفل- من هوازن، ثم من عليهم وأطلق سراحهم بلا مقابل، وما كان قد أعطى المجاهدين من الأنصار والمهاجرين أرضاهم ﷺ وأطلق سراحهم أيضاً.
وفي غزوة بدر جعل للأسرى فداء، فيفادي بعمل أو مال، وقد أخذ الجزية من كل أسير أربعمائة دينار، ومن لم يملك هذا المال وكان مقرئاً أمره بتعليم عشرة من أميي المسلمين القراءة والكتابة، فهو فداء بمال وفداء بعمل، والاختيار وارد في قوله: (إما مناً) ومفهومه: أو لا تمنوا، وعدم المن يكون بالقتل، فلا يطلق سراح، ولا يفادى بمال، ولا بأعمال.
وفي غزوة بدر قتل ﷺ من الأسرى: عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث، وعندما قدم عقبة للقتل قال: (من للصبية يا محمد؟ قال: النار)، وهكذا كان شرعاً من رسول الله ﷺ أن المجاهدين أو قواد الجيش مخيرون بين كل ما فعله عليه الصلاة والسلام.
والقتال فرض عين عندما يهاجم العدو ديار الإسلام كحالنا اليوم، ومع ذلك نرى أن لا حرب ولا قتال، وإنما نرتع بين الشهوات والنزوات والمناكح وبناء القصور، وجمع الملايين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وما يتبع ذلك، ونسينا الله فنسينا، وسلمنا لأذل أعدائه وأحقرهم، إخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت عليهم لعنات الله المتتالية.
إذاً: فالنبي عليه الصلاة والسلام أسر، وبعد الأسر قتل، وفدى بالمال والعمل، وفدى بالمبادلة من بني عقيل، الذين أسروا منه ﷺ أسيرين، وأسر منهم أسيراً، فبادل أسيرهم بأسيرين.
واسترق ﷺ عندما حارب يهود خيبر ويهود بني قينقاع، وعشائر اليهود، وأسر منهم، فقتل من قتل واسترق من استرق، وأخرج من البلاد من أخرج؛ ولذلك فالدولة مخيرة في القتال بين أن تطرد وأن تستعبد، أو أن تمن بلا مقابل، أو أن تمن مقابل فدية من مال أو أعمال، وهكذا، فالآية محكمة واضحة صريحة، والسنة النبوية المطهرة أيدتها بالقول وبالعمل.


الصفحة التالية
Icon