تفسير قوله تعالى: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)
قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: ٢٣].
أولئك المنافقون الناكصون عن الجهاد، أولئك الذين إذا نزلت سورة محكمة وذُكر فيها القتال رأيتهم ينظرون إلى المؤمنين نظر الجبان الرعديد الذي أخذته غشية الموت، وأخذ يحتضر رعدة وجبناً وعدم شجاعة، ونفاقاً وبعداً عن الله، وإذا نزل القتال والأمر به لم يصدقوا الله ما أمرهم به ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ)) أي: طردهم من رحمته وأبعدهم عن جنته ((فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)).
أي: أصابهم بالصمم عن أن يسمعوا حقاً، أو أن يسمعوا حلالاً أو حراماً، أو أن يسمعوا آية أو موعظة من كتاب، أو أن يسمعوا سنة محكمة وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم قد عميت منهم البصائر، وصُمّت منهم الآذان، فلا يسمعون ولا يبصرون إذا رأوا النور لم يشعروا إلا بالظلمة، وإذا رأوا الهداية لا يشعرون إلا بالضلال، هم إلى الكفر أقرب منهم للإيمان.
((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) أي: أولئك المنافقون ضعاف القلوب الذين تركوا أعداء الله ينتهكون أعراض المسلمين، وأوطان المسلمين، وأموال المستضعفين من الرجال والنساء والولدان من الشعوب المسلمة.