تفسير قوله تعالى: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى)
قال تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٣ - ٤٤].
أي: قولا لفرعون قولاً ليناً لطيفاً ولا تعنفا عليه ولا تقولا له قولاً جارحاً مؤلماً، كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: ١٢٥].
وقد قال يحيى بن معاذ: هذه رحمة الله لمن قال: أنا إله، فكيف برحمته لمن قال: أنت الإله وأنا العبد! أرسلهما نبيين كريمين إلى الطاغية المتأله، ومع ذلك وجههما أن يقولا له كلاماً ليناً مهذباً بأن يكنياه مثلاً: يا أبا فلان وأن يقولا له أنت لم تقصد سوءاً ولكنك جهلت الحق، فنحن رسولا ربك إليك جئنا لخيرك وجئنا لسعادتك وجئنا لتعليمك، فاقبل منا تسعد في الدنيا والآخرة.
وقد قال المفسرون: وعد موسى فرعون بأن يحفظ الله عليه شبابه ما دام حياً، وأن يبقى ملكاً ما دام حياً، وأن يمتع بلذة الطعام ولذة الشراب ولذة المنكح، ومع ذلك أبى وتمرد وطغى ففقد دنياه وآخرته.
قوله: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤].
أي: لعله يفكر ويعود إلى نفسه فيراجعها في ادعاء الألوهية، فيخشى الله ويخشى العواقب، ويخشى النار التي أنذره بها موسى وهارون.