معنى قوله تعالى: (إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله)
قال تعالى: ﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ﴾ [طه: ٤٠].
وكيف كان ذلك؟ فموسى عندما تركه فرعون ولم يذبحه ألقيت محبته في نفس آسية بما يزيد أضعافاً على حب فرعون له، وكانت آسية عقيماً لا تلد، فاستلمت الولد وتبنته ورعته وأخدمته وبعثت له المرضعات وإذا به لم يقبل ثدي واحدة منهن حتى خافت هلاكه وموته، وإذا بالأم الحنون التي فرغ فؤادها من الصبر أرسلت أخته وقالت لها: تتبعي آثاره وانظري أين سيصل به النيل، وهكذا فعلت وأدركت أنه وصل إلى شاطئ الفرع الذي يكون باتجاه قصر فرعون، فأخذت تنتظر من بعيد ماذا ستكون النتيجة؟ وإذا بها تسمع الناس يدخلون ويخرجون والمرضعات يدخلن ويخرجن، وكل واحدة تخرج متأسفة متألمة لعدم قبولها في رعاية ابن فرعون التي كانت تنتظر خدمته، وإذا بأخت موسى تتقدم إليهم وتقول لهم: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢].
قالوا: وما أدراك بنصحهم؟ قالت: أليس الوليد رضيع فرعون؟ أليس كل الناس ترجو رعايته؟ فهؤلاء كذلك، فذهبوا معها إلى البيت وجاءوا بالأم فدخلت على آسية زوج فرعون فمدت إليه بثديها وإذا به يبادر لامتصاصه وأخذه بكلتا يديه، فقرت عين الأم، وسرت آسية كما سر فرعون، وبهذه الفرحة نسوا أن يتساءلوا: هذه التي ترضع ألها وليد ترضعه، وأين هو، ومن هي؟ فنسوا ذلك وأغفلوه ليحفظ الله موسى من بطشهم.


الصفحة التالية
Icon