معنى قوله تعالى: (فلبثت سنين في أهل مدين)
بعد كل ذلك قال تعالى: ﴿فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ [طه: ٤٠].
أي: فلبثت بعد ذلك يا موسى سنين في أهل مدين، أي: أقمت إلى أن بلغت سن الأربعين، والنبوءة عادة تأتي الأنبياء وهم على رأس الأربعين.
﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾ [طه: ٤٠]، جئت على موعد بيني وبينك قدرته في الأزل، ولم يكن لموسى علم، ولكن القدر الذي قدره الله في تنبيء موسى وإرساله إلى فرعون كان موافقاً لخروجه من عند شعيب.
قال تعالى: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: ٤١].
أي: اخترتك لتبلغ عني رسالتي وأوامري ونواهي، وأنشأتك وربيتك كما أريد أدباً وحسن سلوك وأخلاق ورسالة ونبوءة وعبادة وطاعة ودعوة إلى الله.
فهيأه الله جل جلاله ليكون المبلغ عنه كما صنع بجميع الأنبياء، فكانوا رسلاً إلى الناس كل منهم إلى قومه، إلا نبينا ﷺ فإنه أرسل إلى الناس كافة، ولا نبي بعده.