معنى قوله تعالى: (هاأنتم هؤلاء)
قال تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [محمد: ٣٨].
قوله: ﴿هَاأَنْتُمْ﴾ [محمد: ٣٨] الله لم يطلب الكل، ومع ذلك خاطبهم بـ (ها) التنبيه: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [محمد: ٣٨].
أي: يا هؤلاء أيها المؤمنون دعاكم الله ورسوله لتنفقوا في سبيل الله، والنفقة: هي الزكاة الواجبة، وهي النفقة الواجبة على الأهل والأولاد، وهي الاستجابة للسائل والمحروم، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (للسائل حق ولو جاء على فرس) لو صدق السائل ما أفلح المسئول إن امتنع عن الاستجابة في العطاء.
قوله: ﴿فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ﴾ [محمد: ٣٨] أي: دعيتم فمنكم من بخل ولم يؤد الزكاة، فإن كان هذا وقت نزول الآية فما بالك في عصرنا الذي يكاد المسلمون أن يعطلوا هذه الفريضة، وهذا الركن من أداء الزكاة، ولو أن أهل مدينة وقرية أدوا الزكاة الواجبة كما فرضها الله لما وجد في تلك القرية والمدينة فقير ولا محتاج.
والمجتمع المسلم لا يكون فيه فقير إن أدى الناس زكاتهم الواجبة، ففي الحديث النبوي يقول عليه الصلاة والسلام: (إن الله فرض في أموال الأغنياء ما يكفي فقراءهم، فإن جاعوا أو عروا فبمنع الأغنياء، وحق على الله أن يحاسبهم ويعاقبهم على ذلك) أي: على امتناعهم من كفاية الفقير والمحتاج.
ولذا يجب منع التسول، التسول يقوم به الأجانب، ولو كان الأغنياء يؤدون واجباتهم وزكاتهم المفروضة لما وجد متسول، فواحد يموت في التخمة، ويكاد يأكل الذهب والفضة ويتمرغ في الحرير والدمقس والديباج، وآخر يموت جوعاً وهو على مرمى حجر منه؛ لا ينتفع بماله إلا ضال مضل، ولا تصرف أمواله إلا في الفساد والفاحشة، وفي البنوك الربوية، وفي الرشوة، وفي المناسبات من الأفراح والحفلات والعزائم التي لا تكون لله، ولا ليأكل منها الفقير المحتاج، ولا تكون إلا مباهاة وضياعاً لأموال الفقراء والمساكين.