معنى قوله تعالى: (فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا)
قال تعالى: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ﴾ [الحجرات: ٩]، فإن عادت للحق، ورمت السلاح ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا﴾ [الحجرات: ٩]، أصلحوا بين هاتين الفئتين والطائفتين بالعدل، ولا تنحازوا لجانب على آخر، فأصحاب الطائفتين إخوة لكم برابطة الدين ورابطة الإسلام، فإن فاءت هذه الباغية فاعدلوا بينهما (وَأَقْسِطُوا).
يقال: القسط والإقساط، والإقساط: العدل، والقسط: الظلم، فقوله تعالى: (وَأَقْسِطُوا) أي: اعدلوا عندما تحكمون بين الفئتين بعد رمي السلاح وإلقائه، فانظروا لمعرفة القاتل من المقتول، والضائع ماله، والمنتهكة حرمته، فخذوا له حقه ممن ظلمه.
أي: فليكن إصلاحكم وحكمكم بالعدل الذي لا ظلم فيه، وبالقسط الذي لا حيف فيه.
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: ٩]، أي: يحب العادلين، وفي الحديث النبوي أن النبي ﷺ يقول: (المقسطون على منابر من نور يوم القيامة على يمين عرش الله).
وبالعدل قامت السموات والأرض، وقد قال ربنا جل جلاله في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).
فالله جل جلاله لا يسئل عما يفعل، وقد حرم الظلم على نفسه وأمر بالعدل، وهو أحكم الحاكمين جل جلاله، فهو يأمر الناس بالعدل وبالقسط وبعدم الظلم.
وبغي الباغي لا يخرجه عن الإيمان، والآية صريحة في ذلك.