تفسير قوله تعالى: (لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه)
قال تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٧].
(لو أردنا) لو: حرف امتناع لامتناع، امتنع أن نريد، فامتنع أن يكون لهواً.
وقالوا عن اللهو: هي المرأة، وقيل: الولد، واللهو يسمى اللعب في الماضي أي: اعملوا كل ما فيه معنى اللهو، امرأة كان أو ولداً أو عبثاً بلا علة ولا سبب، كما يفعل هؤلاء، حيث إنهم عاثوا في الأرض ليأكلوا ويشربوا ويظلموا وظنوا أنهم جاءوا بلا معنى، وسيخرجون بلا معنى، وهيهات هيهات! ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ [الأنبياء: ١٧].
ومن هنا فسروا (اللهو) بالمرأة؛ لأنهم جعلوا لله امرأة بقيت معهم في الأرض، وجعلوها زوجة لله في زعمهم، فقالوا: مريم هي زوجة وصاحبة لله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فاتخذوا لله ولداً من الأرض وهو عيسى، وقالوا: الجن بنات الله، تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً! وشأن الصاحبة والولد أن يكونا مع الإنسان، فنفى الله عن نفسه ذلك، ولا يليق بربوبيته ذلك، ولو شاء لاتخذ ذلك من عنده في السماوات العلى، ولكن ذلك لا يليق بألوهيته ولا بربوبيته، ولم يكن ذلك أبداً: إن صح هذا في المخلوق الحادث، فلا معنى له بالنسبة للإله الخالق الرب جل جلاله وعز مقامه، فهو لهو ولعب.
قال تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٧].
(إن) هنا بمعنى: ما النافية، أي: لسنا بفاعلين، وقالوا (إن) بمعناها الشرطي: لو أردنا لفعلنا، والله لم يرد، وبالتالي لم يفعل، والمؤدى واحد، فهو منزه عن النقائص على كل حال، له الجلال والكمال جل جلاله، وعلا مقامه.


الصفحة التالية
Icon