تفسير قوله تعالى: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم)
قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨].
الله جل جلاله أكرمهم بالعصمة وبالعبادة الدائمة وهو تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الأنبياء: ٢٨] فيعلم ما يستقبل من عملهم، وما يستقبل من قولهم، كما يعلم أعمالهم التي أصبحت خلفهم، فيعلم ماضيهم وحاضرهم، ويعلم مستقبلهم، وكل ذلك بأمره قولاً وعملاً، لا يقولون إلا ما يقال لهم، ولا يعملون إلا ما أمروا بعمله، علم أعمالهم السابقة واللاحقة عند الله خالقهم وآمرهم وإلههم: ﴿وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨]، وهم مع ذلك من خشيتهم لربهم، وخوفهم من ربهم، مشفقون على أنفسهم ألا ينالوا رضاه ورحمته ألا يرضى عنهم وأن يعذبوا بما لا يكاد يخطر لهم في بالهم من قول أو عمل، فهم العباد الذين لا يأمنون مكر الله على كرامتهم وعصمتهم؛ ولذلك تجدهم كالبشر والجن يعبدون الله خوفاً وطمعاً، مشفقين وخائفين على أنفسهم من أن يمكر بهم، ومن أن يقال لهم يوماً: ادخلوا النار مع الداخلين.


الصفحة التالية
Icon