تفسير قوله تعالى: (وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين)
قال الله تعالى: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٠].
لا نزال مع خليل الله إبراهيم أبي الأنبياء صلوات الله عليه وعلى نبينا، وهو بين أعدائه عندما دعاهم إلى الله، وإلى عبادته وحده، وإلى ترك التماثيل والأصنام وما يعبد من غير الله من الأباطيل والأضاليل والتهاويل، وقد قال لهم: ﴿أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٦٧].
عندما قال لهم ذلك وسبهم وشتمهم ولم يهتم بهم ولا بملكهم ولا بسلطانهم، وقد عجزوا عن الدليل والبرهان عادوا إلى تجبرهم واستغلال حكمهم وجاههم، فقالوا: ﴿حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ٦٨].
فقال الله جل جلاله: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء: ٦٩].
كل هذا قد مضى، يقول ربنا: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا﴾ [الأنبياء: ٧٠] أرادوا به مكراً، وأذية وظلماً انتصاراً لآلهتهم المزيفة، ولأحجارهم التي لا تعي ولا تعقل.
قال تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٠].
قد خسروا نفقتهم، وخسروا كيدهم وسلطانهم، وخسروا دنياهم وأخراهم، وكانوا الأذلين والمهزومين والخاسرين.
والأخسر على صيغة أفعل أي: كانوا هم يريدون هذا بإبراهيم، فكانوا هم المهزومين الخاسرين، بل الأخسر والأظلم والأذل.