تفسير قوله تعالى: (وحرام على قرية أهلكناها)
ثم قال تعالى: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥].
حرام: أي واجب.
﴿عَلَى قَرْيَةٍ﴾ [الأنبياء: ٩٥] أي: على أهل قرية.
فالمعنى: واجب على أهل القرية التي نهلكها وندمرها نتيجة كفرها ونتيجة عصيانها ﴿أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] أي: لا يرجعون إلى الدنيا ثانياً بعد أن يروا الحق حقاً، ويكون الوقت قد فات، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
فهؤلاء المجرمون المذنبون عندما يهلكهم الله نتيجة كفرهم وشركهم فإنه أوجب على نفسه -ولا يجب عليه شيء جل جلاله- أنهم لا يرجعون للدنيا بعد الموت إن هو إلا العودة يوم العرض على الله إما إلى الجنة وإما إلى النار؛ أما أن يطمعوا في العودة للحياة فلن يكون ذلك، ولو قدموا الدنيا وما فيها فداء لعقوبتهم هيهات هيهات! ضاع الزمن ولم ينتهزوا الشباب قبل الشيخوخة، والفراغ قبل الشغل، والصحة قبل المرض، فيعبدون ويطيعون، ويستجيبون لدعوة رسلهم، أما وقد بقوا هكذا إلى أن ماتوا ورأوا ما كان يجب أن يكون إيماناً بالغيب أصبح مشهوداً ومرئياً، وأصبح محسوساً، هيهات هيهات أن يعودوا للدنيا مرة ثانية بعد أن ماتوا.
قوله: ﴿لا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٥] أي: لا يعودون للدنيا للتوبة ولا للعمل، ولو قُدّر أن يعودوا لا يفعلون إلا كما فعلوا أول مرة عند حياتهم الأولى.