تفسير قوله تعالى: (وإن أدري لعله فتنة لكم)
قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأنبياء: ١١١]، أي: ولست أدري ما أعطاكم الله في الدنيا من صحة وشباب، وملك وسلطان، وأعمار وأولاد ونساء، هل هذا من الله مكرمة لكم أنتم على كفركم؟ وما أظن ذلك! قوله: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ [الأنبياء: ١١١] أي: ابتلاء وزيادة في قيام الحجة، والحجة لله البالغة، ليقال ساعة الحساب ابتداءً من القبر وسؤال الملكين: فيم صرفت شبابك؟ وفيم صرفت صحتك؟ وفيم صرفت مالك؟ هل أحسنت؟ هل أطعت؟ هل زكيت؟ هل أعطيت من شبابك؟ هل أعطيت من حياتك؟ وقد أرجئت في الموت إلى دار طويل، هل تذكرت يوماً فقلت: ربي الله، رب اغفر لي؟! وسيكون جواب الكفار لله سلباً؛ ليشتد العذاب ويزداد، وتبقى الحجة لله البالغة.
قوله: ((وإن أدري لعله فتنة لكم))، و (لعل) في القرآن ليست للرجاء، ولكنها للتحقيق.
قوله: ((ومتاع)).
أي: متعة في دنياهم من أزواج وأولاد وأرزاق ونعيم، متعوا بذلك ليسألوا عنه، فإذا كان المسلم يسأل عن النعيم فيم صرفه؟ ولم بذر؟ ولم أسرف؟ فكيف بالكافر الذي لا يصرف إلا في باطل وسوء؟ قوله: ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأنبياء: ١١١] أي: إلى وقت وزمن معين ومسمى عند الله، فلا يعلم ساعة الموت أحد: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان: ٣٤] كما لا ندري متى نموت؟!


الصفحة التالية
Icon