معنى قوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
قوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩].
وهذا تهديد ووعيد شديد، يقول الله جل جلاله لعباده بواسطة نبيه عليه الصلاة والسلام: بعد أن ظهر لكم الحق، وجاءكم به خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، بعد ظهور الحق ومعرفته بأدلته العقلية والمنطقية، فبعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فمن آمن فله الهدى والرحمة والرضا وله الجنة دائمة، ومن كفر وأشرك وعصى ربه وخالف نبيه فهو أدرى بنفسه، فليس له إلا الخزي والدمار والغضب والسعير الدائم، فطريق الجنة واضح، وطريق النار واضح، وهذه طريق الإسلام، قد بينها الله جل جلاله وشرحها، وأنزل بها كتاباً، وأرسل بها رسولاً يبينه ويوضحه، ليس فيه اعوجاج، قال عليه الصلاة والسلام: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يظل عنها إلا هالك).
﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩]، ثم قال: من كفر فهذا جزاؤه، ومن آمن فهذا جزاؤه، فقال عن الكافرين: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ [الكهف: ٢٩]، أي: أعتدنا ناراً سعيراً محرقة، كلما نضجت جلود المعذبين فيها أعيدت ليزدادوا عذاباًَ، ويزدادوا هلاكاً ودماراً.


الصفحة التالية
Icon