تفسير قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون)
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥].
الفروج: جمع فرج، وأصل الفرج الشق، يقال عن الشق في الثوب مثل الجيب أو نحوه، يقال عنه الفرج، والكلمة كانت في الأصل كناية عن سوءة الرجل والمرأة، ولكن مع طول الاستعمال أصبحت علماً بالغلبة.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥] أي: حفظوا فروجهم عن الزنا واللواط، وحفظوا فروجهم عن أن يكشفوها إلا لما أحل الله من طلب الذرية، وحفظوها إلا في المكان الذي أمر الله وأذن الله فيه، فلا يجوز إلا في القبل ومن أي جهة شاء الزوج أو شاء السيد والمالك، وأما في الأدبار فلا يجوز في الزوجة ولا الأمة.
وقد ورد في ذلك: (اقتلوا الفاعل والمفعول) إن كان ذلك في غير زوجة وفي غير أمة، وأما إذا كان عند الزوجة أو الأمة فلها الحق أن تمنعه، ولها الحق أن ترفع عليه قضية ليعزر، وما ينقل في جواز ذلك عن بعض الأئمة فهو كذب وزور وبهتان، وهو كذب على الأئمة والسلف الصالح، وما يذكرون من ذلك أن ثم كتاباً لأحد الأئمة اسمه كتاب السر أذن فيه بذلك وأحله، فليس الحلال لأحد، والإمام من الأئمة ومن نسبوه له كذبوا عليه فيه، وقد كذبوا على الأنبياء ألا يكذبون على العلماء! وأما قول الله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] فتفسير هذه بالإطلاق في المرأة أن يأتيها الإنسان قبلاً ودبراً جهل وضلال في التفسير، وعدم معرفة بالقرآن ولا بكلمات العربية لا مفردات ولا جمل، قال الله: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ﴾ [البقرة: ٢٢٣] وهل الدبر يحرث ويزرع ليلد؟ أين الحرث من المرأة أليس في قبلها؟ أليس الماء والاتصال هو الحرث؟ أليس الولد هو الزرع لذلك الحرث؟ وماذا في الأدبار من حرث ومن زراعة ومن إنبات؟! ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] أي: ائتوا الحراثة كما شئتم من خلف وأمام في مكان القبل؛ لأن اليهود كانوا يقولون في ذلك العصر: من أتى امرأته على هيئة خاصة فإن الولد يخرج أحول، فكان الأنصار: الأوس والخزرج يتأثرون بذلك ويتعبون زوجاتهم في بعض الحركات في ذلك، فبلغوا رسول الله بذلك وسألوه، فنزل قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣].
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥] أي: يحفظونها ويصونونها عن الحرام ولوجاً أو سطحاً أو كشفاً أو بأي صفة من الصفات، ومن امتنع من ذلك فالجزاء في ذلك عظيم شديد، من أتى الفروج حراماً إن كان عزباً فمائة جلدة وتغريب عام، وإن كان محصناً متزوجاً وليس من الضروري وقت الفساد ووقت الزنا أن يكون متزوجاً، بل يكفي أن يكون قد تزوج يوماً ثم ماتت زوجته وأصبح أرمل أو طلق، ففي هذه الحالة يعتبر محصناً، وعندها يرجم بالحجارة حتى الموت ولا كرامة، وقد رجم ﷺ نساء ورجالاً، ورجم الخلفاء الراشدون الأربعة، ورجم السلف الصالح، وقد أقيم الرجم في هذه الديار قريباً، ولعل هذا الحكم قد ألغي فيما ألغي من شريعة الله في بلاد المسلمين، وهو من جهلهم ومن ضياعهم ومن فساد محاكمهم وقضاتهم ومجتمعاتهم.


الصفحة التالية
Icon