حرمة زواج المتعة
قوله: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: ٦] هنا قال فقهاؤنا: يحرم بنص هذه الآية زواج المتعة؛ لأن زوجة المتعة فيما قالوا: ليست زوجة، فالله أباح الزوجات والإماء، والمتمتع بها ليست زوجة، وزواج المتعة قد أبيح مرة ثم حرم، ثم أبيح ثم حرم، أبيح في غزوة خيبر ثم حرم بعد ذلك، وأبيح في غزوة الفتح ثم حرم بعد ذلك، وقد قال ﷺ كما في صحيح مسلم: (حرم زواج المتعة ولا يحل إلى يوم القيامة)، وعلى ذلك إجماع المسلمين من أهل السنة.
وزواج المتعة: هو زواج موقوت، بمعنى أنه يتزوج لشهر أو لشهرين فإذا تمت تلك المدة المقدرة فإنه يفسخ النكاح بعد ذلك بلا حاجة إلى أن ينطق بطلاق، قالوا: ولا توارث بينهما، قالوا: ولا نفقة في ذلك إلا ما يعطيه من مهر، وفيما عدا ذلك هو كالزواج لابد من الاستبراء أولاً والاستبراء ثانياً، فالولد إذا حملت هو لمن متعها وتزوج بها زواج متعة، وأما الزواج فهو في الأصل للديمومة وللأبد، والله قد أحل الطلاق وإن كان قد قال عليه: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، فما دام الطلاق في يده فله أن يطلق في أي وقت شاء، ولا يسأل لماذا طلق؟ فقد يكون طلاقه لشيء إذا ذكره قد يضر بالمرأة، وما يريد اليوم بعض الفسقة ممن يريدون أن يضيقوا الطلاق إلا بطلاق القاضي وإذنه فهذا باطل؟ فهؤلاء يرغبون في أن تكشف أعراض المسلمات، وأن يأتي الزوج ويقول: هو يتهم زوجته، ويقول عنها كذا وكذا فيكون قد قذفها وأفسدها على من يريد زواجها بعده، ويكون قد جعل أولادها سبة وعاراً للأبد أن أمهم طلقت لكذا من أمور الفساد، ومن أجل هذا المعنى فالله يحب الستر، فالطلاق طلاق ولا يسأل لماذا، فقد يكون -وهذا في الأغلب- سبب الطلاق عدم موافقة الأخلاق، وعدم موافقة السيرة، أو تعاظم المرأة على الرجل، أو تعاظم الرجل على المرأة فلا ينفق عليها، وهذا يسمى خلعاً إن هي طلبت الطلاق، ولها ذلك بشروطه وقيوده، وسيأتي تفصيله.
فالزواج السني إذاً هو للديمومة، والطلاق بيد الرجل، وإتيان الجواري بملك اليمين، فالملك نفسه يعتبر محلاً للنكاح، وهو كالزوجة ماؤه خاص بها لابد من الاستبراء أولاً وأخيراً، ومعنى الاستبراء أن تستبرئ المرأة رحمها بأن تنتظر الجارية قرءاً، والمطلقة قرئين أو ثلاثة، والمتوفى عنها زوجها العدة التي تقضيها حداداً، فإن ظهر الحمل فإلى أن تلد؛ ليستبرئ رحمها ويكون بريئاً من ماء غيره ومن حمل غيره.