تفسير قوله تعالى: (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)
قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١].
يذكر الله تعالى أن هؤلاء السابقين في الخيرات هم الذين يسبقون إليها لا أولئك الذين رزقوا مالاً ولم يصنعوا به شيئاً، ورزقوا ولداً فلم يصنعوا به شيئاً، فالله هو الذي رزقهم وأعطاهم ومتعهم بالعافية وبالأولاد وبالخدم والحشم، لا لكونهم سادة الناس، ولكن ابتلاء واختباراً، فإن هم عملوا بذلك وأطاعوا بذلك وأدوا الحقوق فذاك، وإلا كان ذلك ابتلاء ومزيداً في العذاب، ولا يظن هؤلاء أننا نسارع لهم في الخيرات، بل الذين نسارع لهم في الخيرات هم يسارعون في الخيرات، والإكثار من العبادات والطاعات، وهم مع ذلك يخافون ألا تقبل منهم، هم هؤلاء الذين يشفقون ويخافون من ربهم مع عبادتهم، والذين يؤمنون بكل آياته وقدرته ومعجزات أنبيائه، والذين لا يشركون مع الله أحداً، والذين يبالغون في العبادة والطاعة والصدقات ومع ذلك يخافون ألا تقبل منهم.
((أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)) فهؤلاء الذين وصف الله هم الذين يسارعون ويتسابقون: من الذي يسبق الآخر فيكون أكثر عبادة وأكثر صدقة وأكثر تهجداً.
((وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)) أي: هم بفعلهم ذلك واعتقادهم ذلك سابقون للناس في العبادة والطاعة والصدقة والخشية من ربهم، فهؤلاء هم الذين نسارع لهم في الخيرات لا أولئك.


الصفحة التالية
Icon