تفسير قوله تعالى: (ولم تكن له فئة ينصرونه)
قال تعالى: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا﴾ [الكهف: ٤٣].
هذا الذي تعالى يوماً وهو في عز جاهه وقوته وتيهه وما له من الخدم والحشم، بينما هو يتيه على هذا الصاحب المسلم ويقول له: (أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً) ذهب هذا النفر كله من ولد وزوجة وخدم وحشم، فقال الله عنه بعد أن ذهبت جنتاه بما فيهما: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الكهف: ٤٣].
فهذه الفئة والجماعة والطائفه من العيال والأولاد والخدم التي اعتز بها لم ينصروه من دون الله، ولم يكن لهم من الحول والطول ما يكونون به حزباً وأعواناً وفئة مناصرة وكيلة نائبة له، وهيهات، ومن يتوكل لأحد على الله، ويقف في وجه الله جل جلاله القادر على كل شيء؟ فهو الواحد الأحد، والكل له عبد ذليل يرجو رحمته ويخاف عذابه.
قال تعالى: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا﴾ [الكهف: ٤٣]، فلم ينتصر لا بمال ولا بأولاد ولا بشباب ولا وبقوة ولا بجنتيه اللتين افتخر بهما على المؤمنين من الفقراء والمساكين، فقد ذهبت جنتاه وفئته وخدمه وحشمه وأولاده في الحياة الدنيا، وإن مات على الشرك فلعذاب الله أنكى وأشد.