تفسير قوله تعالى: (وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم)
قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣].
أي: أنك لم تطلب منهم أجراً، ولم تطلب منهم مالاً، ولم تطلب منهم رياسة، ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [المؤمنون: ٧٢].
قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣].
أي: دعوتهم إلى الحق الواضح المستقيم الذي لا عوج فيه، ودعوتهم إلى العز والشرف، ودعوتهم إلى الصلاح، ودعوتهم للأمن، ودعوتهم لرفع الظلم، ودعوتهم للإحسان إلى الفقير، والرحمة بالأهل والولد وذوي الأرحام، وما دعوتهم إلا إلى الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا اختلاف ولا نزاع، وما الطريق المستقيم إلا كتاب الله الكريم، والإسلام البين الواضح، والسنة المطهرة التي كانت شرحاً وبياناً لكتاب الله، كما يقول الإمام الشافعي: ما من سنة وردت عن نبينا ﷺ إلا وكانت شرحاً وبياناً لكتاب الله.
قال تعالى: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٤].
ولكن الناكبين عن الصراط، المنحرفين عنه، الزائغين أمامه، الضائعين الذين لم يتبعوا صراطاً مستقيماً، ولا هداية قيمة، هؤلاء الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، والذين لا يؤمنون بالبعث بعد النشور، هؤلاء الكافرون المكذبون لأنبيائهم، الجاحدون لكتب ربهم، الناشرون للفساد بين الناس، السفاكون لدماء الناس، الذين لم يعيشوا وهم حال كفرهم إلا للفسق وللكفر ولنشر الظلم والباطل.
وأما طريق المؤمن، وأما ما يدعو إليه محمد صلى الله عليه وعلى آله فهو الصراط المستقيم، والحق الأبلج الذي ليله كنهاره لا يزيغ عنه إلا هالك.