تفسير قوله تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون)
إذا ثبت أن الله مالكها إذاً: فهو خالقها، قل يا محمد: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٤] أي: إن كنتم تدعون المعرفة كما تزعمون فلمن هذه؟ ومن خلقها؟ ومن ملكها؟ وإذا ملكها الله فهو إذاً خالقها.
فكان
ﷺ ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٥]، فقد أجابوا اعترافاً بوجود الله، وملك الله، وقدرة الله، وخلق الله، ﴿قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٥] أي: قل يا محمد لهؤلاء وقد آمنوا بأن الأرض وما فيها لله، ﴿قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٥] أفلا تعتبرون؟ ألا تفكير ألا عقل ألا رأي؟ فما دمتم وقد اعترفتم بوجود الله، وبقدرة الله، وبخلق الله، وأنكم وجميع من على الأرض من عاقل وغير عاقل، من إنسي وجني وملك، من حيوان ودابة، وكل ما عليها، ما دمتم قد اعترفتم أنها لله أفلا تعون وتعقلون؟ فكيف جعلتم معه شريكاً؟ وكيف أنكرتم وهو الذي أخبركم: أن هناك بعثة، وأن هناك حياة ثانية؟! ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٤ - ٨٥]، أفلا تعون وتقفون يوماً وتتفكرون مع أنفسكم، وتعتبرون بهذا، وتقولون: ما دامت المقدمة صحيحة، وأن الأرض خالقها الله، وأن الأرض مالكها الله، وأن الأرض رازقها الله، فلم إذاً نكران ما جاء به الله؟! وقد أرسل الله أنبياء سابقين يخبرون بالبعث وبالتوحيد، وبالقدرة لله على كل شيء، فلِمَ إذاً تتناقضون؟ وهكذا الكفر قديماً وحديثاً لا منطق له، ولا عقل له، إن هم إلا قردة ببغاوات يقلدون ما وجدوا عليه آباءهم، فإن أنت سألتهم: ما دليلكم وما برهانكم؟ قالوا: هكذا وجدنا آباءنا، وإنا على آثارهم مقتدون.
وأما المؤمن فتارة يخاطبك بدليل العقل، وتارة يخاطبك بدليل السمع، فيقول لك: قال الله، قال رسول الله، قال العلماء، فإن كان المخاطب لا يؤمن بشيء من هذا خاطبه بمنطق العقل، كما يخاطبهم القرآن، وكما يخاطبهم نبينا عليه الصلاة والسلام، وجميع الأنبياء السابقين قبله عليه وعليهم سلام الله وصلاته.