تفسير قوله تعالى: (عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون)
قال الله تعالى: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٢].
(عالم الغيب) صفة لله جل جلاله، وقرئ (عالم الغيب) كلام مستقل، فالله يعلم ما غاب عن خلقه ويعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم الشهادة ويعلم حضورنا، ويعلم ما نحن عليه الآن ومن تدارس كتابه تجاه الكعبة المشرفة، ويعلم خلقه، ويعلم ما ينفعهم وما يضرهم، ويعلم ما تجري به الضمائر والنفوس، فلا تخفى عليه خافية جل وعلا وعز مقامه وعلا شأنه.
﴿عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٢] تعالى عن شركهم، نزه نفسه عن شركهم فلا ولد له ولا شريك له، ولا يحتاج إلى شيء من ذلك وإلا لتدهده هذا الكون وخرب وضاع ولا يبقى مستقيماً، كما نرى الدول عندما يختلف حكامها وزعماؤها تقوم الفوضى: فلا بيع ولا شراء ولا قيام ولا قعود إلى أن يغلب أحدهما الآخر، وتخرب معه البلاد والعباد، وهذا لم يحدث في الأرض؛ لأن مالك الأرض واحد، ومالك السماء واحد، وخالق الكل واحد وهو الله جل جلاله، فلا ابن له ولا ولد معه ولا شريك.