[آل عمران: ١٠٣]. وقوله: ﴿اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود﴾ [الأحزاب: ٩].
٧ - نقل من كلام النيسابوري ما يفيد:
«أن عبادة الله لكونه إلهاً، وكون المخلوق عبداً، لا يكون معها رغبة في الثواب، ولا رهبة من العقاب، وأنها هي أعلى الرتب».
ونحن نقول: من مقتضى شعورك بعبوديتك.. شعورك بضعفك وفقرك، وأن من مقتضى علمك بالله، شهودك لقوته وفضله. وذاك الشعور، وهذا الشهود، يبعثان فيك الرجاء والخوف؛ فتكون وأنت تعبده لأنه إله، ولأنك عبد راج خائف.
ودعوى تجرد العبادة عنهما، قد أبطلناها بالأدلة السابقة.
٨ - نقل قول الإمام ابن العربي:
«أمر الله عباده بعبادته، وهي أداء الطاعة بصفة القربة، وذلك بإخلاص النية؛ بتجريد العمل عن كل شيء إلاّ لوجهه، وذلك هو الإخلاص الذي تقدم بيانه».
ثم زعم هو من عنده:
«أن من مقتضى تجريد العمل عن كل شيء: تجريده من رجاء الثواب، وخوف العقاب. وأن الإخلاص هو ما كان لوجه الله لكونه إلها لا غير».
وهذا صريح منه في أن رجاء الثواب وخوف العقاب ينافيان الإخلاص، وهو باطل لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان: ٩]. فخافوا وعملهم لوجه الله بنص القرآن.
وروى الأئمة في الصحيح أن أبا طلحة قال: يا رسول الله، إني أسمع الله تعالى يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ -[آل عمران: ٩٢]. وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها (١) عند الله، فضعها حيث أراك الله.
فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «بخ (٢)، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ! ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ (٣)» (٤)!!
(٢) قال أهل اللغة: بخ، بإسكان الخاء وتنوينها مكسورة. قال ابن دريد: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه.
(٣) قوله «مال رابح» رويت بوجهين: «رابح» بالباء، و «رايح» بالياء. فرابح بالباء معناها واضح. ورايح بالياء فمعناه رايح عليك أجره ونفعه في الآخرة.
(٤) أخرجه البخاري في التركاة باب ٤٤، والوكالة باب ١٥، والوصايا باب ١٧ و ٢٦، وتفسير سورة ٣ باب ٥، والأشربة باب ١٣. ومسلم في الزكاة باب ٤٢. والدارمي في الزكاة باب ٢٣. وأحمد في المسند (٣/ ١٤١، ٢٥٦، ٢٨٥). ورواه مالك في الموطأ (كتاب الصدقة حديث ٢).