فالإنسان لم يخرج عن هذا القانون الطبيعي.
ففيه الممتازون الذين يحتاج إليهم النوع الإنساني في صلاح حاله ومآله.
ومنهم الذين يتولون حكمه وتنظيمه في أممه ومجتمعاته وجماعاته؛ فالهيئة الحاكمة والأفراد المنظمون والقادة المسيرون من ضروريات المجتمع الإنساني ومقررات الشرع الإسلامي، مثل ما في هذه الآية من أمر الوازعين.
ولما ولي الحسن البصري القضاء قال:
«لا بد للسلطان من وزعة» أي أعوان يكفون الناس عن الشر والفساد، ويتولون تربيتهم وتنظيمهم.
وفي رواية: «لا بد للناس من وازع» - أي كاف- يكف بعضهم عن بعض، وهو الحاكم وأعوانه.
وفي حديث ذكره أهل الغريب: من يزع السلطان وعقابه الدنيوي أكثر ممن يكفهم عن الشر الوعد والوعيد في القرآن (١).
وقد قال الله تعالى:
﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: ٢٥].
الآية الرابعة
﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٨)﴾ [النمل: ١٨].
﴿أتوا على وادي النمل﴾ هبطوا إليه من مكان أعلى منه، وهو بالشام أو بالحجاز، لم تتوقف العبرة على تعيينه فلم يعين، وأضيف للنمل لكثرته فيه.
﴿نملة﴾ لفظها مؤنث، ومعناها محتمل مثل شاة وحمامة.

(١) ذكر هذا الحديث ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٨٠) بلفظ: "من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن" قال ابن الأثير: أي من يكف عن ارتكاب العظائم مخافة السلطان أكثر ممن يكفّه القرآن والله تعالى؛ يقال: وَزَعَهُ يَزَعُهُ وَزْعًا فهو وازِعٌ، إذا كفَّهُ ومنعه".


الصفحة التالية
Icon