سؤال:
كيف يذكر الأصل الأول- وهو الأصل الأول- إلاّ بما ذكر به من الذكر الضمني؟
الجواب:
ذلك لأمرين:
الأول: أن هذه الأصول الثلاثة تذكر في أول السور، غير أن بعض السور تخصص بالحديث على بعض الأصول أكثر من غيره، ولا يذكر فيها غيره إلاّ ضمنًا كما هنا.
الثاني: أن تقرير الأصل الثاني هو تقرير للأصل الأول؛ إذ جميع دلائل النبوة، دلائل على وجود الخالق وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته.
(الإحياء): إيجاد الحياة في الجسم؛ ولا يكون إلاّ من الله.
و (الميت): الجسم الذي يقبل الحياة ولا حياة فيه، سواء أكانت فيه وزالت، أم لم تكن فيه بعد كالجنين قبل نفخ الروح فيه.
أكدت الجملة لأن الخطاب مع منكري البعث والنشور، وأكد إسم "إنّ" (١) بـ"نحن" ليفيد الاختصاص، فهو المحيي دون غيره.
وعبر بـ ﴿نحيي﴾ فعلاً مضارعاً ليفيد تجديد الإحياء واستمراره، فيشمل إحياءه للأجنة في الدنيا، وإحياءه الثاني في الأخرى. وكثيراً ما جاء في القرآن الاستدلال على الإحياء الثاني بالإحياء الأول؛ فتكون كلمة ﴿نحيي﴾ قد اشتملت على العقيدة وهى الإحياء الثاني، ودليلها وهو الإحياء الأول.
المعنى:
يعرف الله- تعالى- عباده بأنه هو الذي يحيي الموتى دون غيره، ويذكرهم بما يشاهدونه من ذلك فيهم، وهم أجنة في بطون أمهاتهم؛ فيؤمنون بأنه يحييهم كذلك بعد موتهم، فيستعدون من حياتهم الأولى لحياتهم الثانية.
...
إحصاء الأعمال المباشرة وغير المباشرة:
﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾.
لما أعلم الخلق بأنهم يحيون بعد الموت، أعلمهم بأن أعمالهم المباشرة وغير المباشرة مكتوبة عليهم؛ لأن حياتهم بعد الموت، لنيل جزاء ما كتب عليهم من أعمالهم.
(قدم الشيء): جعله قدامه. وأعمال المرء التي يباشرها قدمها قبله في طريقه إِلى الآخرة، فهي محفوظة حتى يلحقها.

(١) في قوله تعالى: ﴿إنَّا﴾.


الصفحة التالية
Icon