فقال: شمة من تربة إصطخر، وشربة من ماء نهاوند، إلاّ من تلامذة هذا الدرس.
ولقد زادنا (١) إيماناً به بعد إيمان أنه يقول: تربة أرضنا، بريقة بعضنا. ولم يقل: تربة الأرض بريق بني آدم فليس السر في تربة وريق ومرض. ولكن السر في أرضنا وبعضنا ومريضنا- فهذه- والله ربنا- صخرة الأساس في بناء الوحدة الوطنية والقومية، لا ما يتبجح به المفتونون.
٥ - ويقول الروحانيون: إن هناك روحاً طاهرة تتصل بتربة الأرض التي خلق المريض منها، وتغذى بنباتها ومائها، وتنفس كبده في جوها وهوائها، من ريقه منفوثة نفث الخير، من نفس مؤمنة قوية الروحانية طيبتها، فيكمل التكوين بين الريق والتربة مع اسم الله الذي قامت به السموات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، فيحصل الشفاء بهذا العمل النفساني. وإذا تجلت النفس بعجائبها لم يبق في الوجود عجيب.
٦ - ويقول غير هؤلاء ما يقول، وهذه المتون كاسمها متون، وهذه الأصول كاسمها أصول. وهكذا، تأتي بعض المتون من كلام الله، وكلام رسوله، معجزة للعقول فتتطاير من حولها الفهوم والآراء تطاير الشعراء، ويظن كل عقل أن حرفته آلة لتفسير تلك المتون- والعلوم حرف العقول.
والزمان من وراء الكل يصيح: أن انتظروا....
...
الحاسد والحسد:
﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.
الحاسد، الذي قامت به صفة الحسد، وهو الذي يحب أن تسلب النعم من غيره، وقد تلج به هذه الصفة الذميمة فتزيد له سلب النعم حتى من نفسه إذا توقف على ذلك سلبها من غيره، فهو لا يحب الخير لأحد ويتمنى ألا يبقى على وجه الأرض منعم عليه.
وإنما ينشأ الحسد من العجب وحب الذات، فتسول له نفسه أن غيره ليس أهلاً لنعم الله، وكفى بهذا معاداة للمنعم.
والحسد شر تلازمه شرور: العجب، والاحتقار، والكبر. وقد جمع إبليس هذه الشرور كلها:
حسد آدم عجباً بنفسه فقال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾.
ورآه لا يستحق السجود احتقاراً له، فقال: ﴿أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾؟! [الإسراء: ٦٢].