﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
خصائص الطبيعة العربية:
فمن الطبيعة العربية الخالصة: أنها لا تخضع للأجنبي في شيء، لا في لغتها ولا في شيء من مقوماتها.
ولذلك نرى القرآن يذكرها بالشرف، ويحدثها كثيراً عن أمة اليهود التي لا يناديها إلاّ بيا بني إسرائيل؛ تذكيراً لها بجدها الذي هو مناط فخرها كل ذلك لأنها أمة تحيا بالشرف والسمو والعلو.
ويذكرها بالذكر وهو في لسانها الشهرة الطائرة والثناء المستفيض، يقول تعالى لنبيه وهو يعني القرآن:
﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٣، ٤٤].
والأنبياء لم يبعثوا إلاّ في مناسب الشرف، ومنابع القوة، ومنابت العزة ليبنى المجد الطريف من الدين على المجد التليد من أحساب الأمة وأنسابها وشرفها وعزتها، وما كان لها من مناقب تلتئم مع أصول الدين.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]، ليشعرهم أن عليهم من الواجبات في مقابلة هذا الشرف الذي أعطوه ما ليس على غيرهم، ولا شك أن ثمن المجد غال!!
وهذا الشرط الذي ذكره الله، وذكر به العرب هو شرط واجب الاعتبار والتنفيذ، لأن الأمة التي لا تؤدي ثمن المجد لا تحافظ عليه، ثم هي أمة لا يعتمد عليها في النهوض بنفسها ولا بغيرها.
وإنما ذكرهم الله بذلك لينهضوا بالأمم على ذلك الأساس، وهو إحياء الشرف الإنساني في نفوسها، وليعاملوها على ذلك الأساس بالعدل والرحمة والتكريم.
وما ذكر القرآن العرب بتكريم بني آدم وخلقهم في أحسن تقويم، إلاّ ليعاملوهم على هذه القاعدة التي وضعها الخالق.
وإن أعداء البشرية اليوم وقبل اليوم، يعمدون إلى قتل الشرف من النفوس، ليستذلوا من هذا النوع ما أعز الله، ويهينوا منه ما كرم الله.
والخلاصة:
أن عناية القرآن بإحياء الشرف في نفوس العرب ضرورية لإعدادهم لما هيئوا له من سياسة البشر.