وهذا جانب لا أتحدث عنه فقد كفانا مؤنته أخونا الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي في محاضرته التي سمعتموها بالأمس (١).
معلومات مغلوطة عن العرب:
قلنا في أول كلمتنا: إن العناية بالعرب حق على كل مسلم لارتباط تاريخهم بتاريخ الإسلام. فما هو حظ العرب من القرآن من الناحية التاريخية بعد أن سمعتم هذه التوجيهات العامة؟
العرب مظلومون في التاريخ، فإن الناس يعتقدون ويعرفون أن العرب كانوا همجاً لا يصلحون لدنيا ولا دين حتى جاء الإسلام فاهتدوا به، فأخرجهم من الظلمات [[إلى]] النور.
هكذا يتخيل الناس العرب بهذه الصورة المشوهة، ويزيد هذا التخيل رسوخاً، ما هو مستفيض في آيات القرآن من تقبيح ما كان عليه العرب؛ ليحذرنا من جاهلية أخرى بعد جاهليتهم.
حقيقة العرب:
والحقيقة التي يجب أن أذيعها في هذا الموقف هي:
إن القرآن وحده هو الذي أنصف العرب، والناس بعد نزول القرآن قصروا في نظرتهم التاريخية إلى العرب، فنشأ ذلك التخيل الجائر عن القصد.
والتاريخ يجب ألا ينظر من جهة واحدة، بل ينظر من جهات متعددة وفي العرب نواح تجتبى ونواح تجتنب، وجهات تذم [[وتقبح]]، وجهات يثنى عليها وتمدح.
وهذه هي طريقة القرآن بعينها: فهو يعيب على العرب رذائلهم النفسية كالوثنية، ونقائصهم الفعلية كالقسوة والقتل، وينوّه بصفاتهم الإنسانية التي شادوا بها مدنياتهم السالفة، واستحقوا بها النهوض بمدنية المدنيات.
١ - أمة عاد
ولنذكر عاداً: فهي أمة عربية ذات تاريخ قديم، ومدنية باذخة ذكرها القرآن، فذكرها بالقوة والصولة وعزة الجانب، ونعى عليها الصفات الذميمة التي تنشأ عن القوة، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥].