وبذكر ابن السبيل والمسكين مع ذي القربى.. جمعت الآية القريب والبعيد من ذوي الحقوق.
وبذكر ابن السبيل والمسكين جمعت ذا الحاجة الثابتة وهو المسكين، والحاجة العارضة وهو ابن السبيل، وقدم الأول لأصالة حاجته، وفي ذكرهما أيضاً جمع ما بين القريب الدار، والبعيد الدار والمسافر.
كل هذا ليعلم أن ذا الحق يعطي حقه على كل حال، وبقطع النظر عن أي اعتبار.
وسمي هؤلاء الثلاثة بأسمائهم المذكورة ة لأنها ترقق عليهم القلوب، من القربة، والمسكنة، وغربة الطريق.
وسمي ما ينالونه (حقاً).. ليشعر المكلف بتأكده، ويحذر المعطي من المنّ به، فلا ينكسر قلب آخذه!!
...
الإنفاق في غير وجهٍ شرعي:
﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾:
المال قوام الأعمال، وأداة الإحسان، وبه يمكن القيام بالحقوق: فصاحبه هو مالكه، ولكن الحقوق فيه تشاركه، ولا يقوم له بوجوه الحق إلاّ إذا أمسكه عن وجوه الباطل. ثم لا يقوم له بجميع تلك الوجوه إلاّ إذا أحسن التدبير في التفريق، وابتغى الحكمة في التوزيع.
فلذا بعدما أمر الله تعالى بإعطائه الحقوق لأربابها.. نهى عن تبذير المال الذي هو أجملها، وبه يمكن إعطاؤها.
(والتبذير) هو التفريق للمال في غير وجه شرعي، أو في وجه شرعي دون تقدير (١)، فيضر بوجه آخر:
فالانفاق في المنهيات تبذير وإن كان قليلاً.
(١) أصل التبذير: التفريق في السرف؛ ومنه قول الشاعر:
أناسٌ أجارونا فكان جوارُهُمْ | أعاصيرَ من فِسْق العراق المبذرِ |