البيضاوي والآلوسي إلى أن الباء سببية (بِظُلْمٍ) أي ملحدا بسبب الظلم. وفي الجلالين بإلحاد: الباء زائدة أي في المفعول: إلحادا، وكذلك الزركشي.
أقول: من الملاحظ في سياق الآية التهديد الرعيب... بيت اللَّه الحرام الذي جعله اللَّه دار أمان يستوي المقيم فيه والطارئ عليه تضاعف فيه السيئات حتى شتم الخادم. منطقة محرمة، ودار أمان للمسلمين، لا يُنفَّر صيدها ولا يُقطع شجرُها ولا تُبوَّبُ دورُها، مفتوحة لكل قادم من عاكف وباد، من مقيم فيه وطارئ عليه لا يمنع عنه أحد.
الآية إذاً تغير: من أراد أن ينحرف عن هذا النهج، مجرد الإرادة والنية فله عذاب عظيم، فكيف بـ (مَن) ألحد وظلم، وهذا سبب سُكنى عبد اللَّه بن عباس الطائف، ولعل تضمين أراد معنى طمع به، يستنيم إليه السياق ويهش له، فالطمع نزوع النفس إلى شيء تشتهيه وترجوه. وتبقى الشهوة ويبقى الرجاء انفعالا نفسيا لا وجود له في الواقع. بخلاف الإرادة فإن فيها سعياً لتحقيق ما ترغب، أي ومن يطمع في مكة بالعدول عن الحق، بسبب ظلمه، عادلاً ظالماً، نذقه من عذاب أليم. ويبقى التضمين مصدر إثراء لهذه اللغة الشريفة لأنه أفاد المعنيين جميعا (إرادته والطمع به)، فمن تناكره حرم فائدته ومن استرفده وجده في عونه آخذاً بيده إلى إدراك مطلوبه.
* * *


الصفحة التالية
Icon