ثَمَانِيَ حِجَجٍ) فاللغة عند هؤلاء ظاهرة اجتماعية يصدق عليها كل ما يصدق على الظواهر الاجتماعية من الخضوع لظروف الصواب والخطأ. والمعنى الدلالي يستعين بالمقام ليصبح مفهوما في إطار ثقافة المجتمع.
فاللغة ليست مجردَ تراكيبَ شكليةٍ يسعى الوضعيون إلى تجريدها من المعنى، مما أفضى إلى تقويض الأسس التي قام عليها النحو الوصفي.
واللغة ليست مجرد توصيل كما في لغة الحيوان ولكنها أداة للتفكير الحر والتعبير الذاتي يصدر عن البنية التحتية أو العميقة.
النحو الوصفي غير قادر على استجلاء ما استولى الخفاء على جملته لأنه يركّز على الواقع اللغوي أو البنية السطحية وحدها، أما علم البيان فأكثر صلة بالدراسة المعجمية منه بالمعاني الوظيفية، ومجاله النظر في العلاقة بين الكلمة ومدلولها فلا تكون أوسع منه ولا أضيق في الدلالة، ولكن اللغة - أية لغة - وإن كانت تزود المرء بأدوات التجريد الفكري والتأملي، إلا أنها أضيق في مجالها اللفظي من حقل الأفكار في ذهن المتكلمين بها ومن الصور والظلال التي ترد على أخيلتهم.
ومن هنا تصبح المعاني حقيقة للألفاظ قاصرة عن الوفاء بمطالب التعبير عن الأفكار المجردة والصور والظلال، ويصبح التعبير اللغوي بحاجة عند جواز الحقيقة العرفية إلى استعمال آخر نُسميه المجاز. وأغلب معاني اللفظ في معاجمنا مجاز، ولطول استعماله يُظَنُّ به أنه حقيقة. فالكلمة منعزلة ضرب من العبث فلا بد من سياقِ يُبرز دلالتها وبذلك يكون لها أكثر من معنى، ويتحدد المقصود منها عند التركيب أي عند النظم. فألفاظ اللغة لم توضع لتعرف