تضمين الحروف أو تناوبها، أو نصرناه بمعنى نجيناه، وهو من تضمين الأفعال وهذا أظهر وأصنعَ، فالنصر المتعدي بـ على يُفيد الغلبة.
وحين عداه بـ (مِن) أفاد النجاة من مكرهم أو سجنهم أو مؤامراتهم فإذا أفلت من أيديهم ليتابع مسيرة دعوته في بلد آخر، فذلك من صور النصر.
وسياق الآية إنما يفيد نصر النجاة من يد الظالم، أما نصر الغلبة فلن يتسنى له لأنه فرد فيهم ليس معه أنصار. أو نصرناه نصراً مستتبعا للانتقام ولذلك عدي بـ مِن فخلع النصر ثوبه على النجاة حين ينتقم، أو اكتست النجاة ثوبالنصر، فتحليل العبارة يجري بتشقيقها إلى وحداتها لفهم المراد.
وهكذا نتحرر من الغموض في الحرف ليشف الفعل في التضمين عن معنى جديد، ويُسفر عن طعم إضافي من الجهة التي هي أصحّ لتأديته وأكشف عنه في إظهار مُراده.
وبقي موضوع السياق أو الدلالة عند غير الجرجاني مغفولاً عنه غير مأبوه له. ففي قوله سبحانه: (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ) تضمين (رزق) معنى (اتجر) هو من وحي السياق، وتوجيهه مراعاة لمصلحة اليتيم وحفظ ماله، ندير له أمواله في تجارة رابحة ونرعى مصالحه، فلا يُنفق ما ورثه في سنوات معدودة ثم يمد يده إلى الناس. أما أن نجعل (في) بمعنى (مِن) كما ذكر أغلب المفسرين فتوجيه للمعنى تستنكره مصلحة اليتيم.
ثم الموقع والارتباط الداخلي بين وحدات الجملة فيما يتعلق بالنظم،


الصفحة التالية
Icon