وذكر السيوطي: فاسأل به: المجاوزة كعن أي عنه بدليل (يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ) وقيل: استدع به خبيرا ضمن (فاعتن أو اهتم به)، لأن السؤال عن الشيء اعتناء به. ومثله قال ابن هشام والأشموني
والزركشي والمرادي وذكر البيضاوي والآلوسي: ويجوز تضمين (سأل) معنى (فتش) فعدي بـ (عَنْ)، ويجوز تضمين سأل معنى اعتنى فيتعدى بالباء، والباء عند البصريين للسبب، ولا يجوز أن تكون بمعنى عن. وقال ابن هشام: فيه بُعد لأن المجرور لا يقتضي أن يكون مسؤولا عنه. وقال الرازي: فاسأل به خبيرا و (به) يعود إلى خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش والباء صلة الخبير.
أقول: ويبقى المعنى منوطا بما أومأ إليه السياق وعقد السائل عليه الغرض. فمع السيطرة والاستعلاء (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الرحمة الشاملة (الرَّحْمَنُ). ومع الرحمة الدائمة الخبرة المطلقة (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) فاكتف به خبيرا لدى سؤالك عن أي أمر، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فالسائل إذا ظفر بخبير فليكتف به عن سؤال سواه. لأنه محيط بظواهر الأمور وبواطنها، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء اللَّه سبحانه.
والعلاقة واضحة بين المضمن والمضمن فيه فالسائل إنما يكفيه الخبير، لأنه حين يسأل فإن لديه حاجة يسأل عمن يكفيه إياها، وهل يسأل إلا خبيراً (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا): فاكتفِ به خبيراً سبحانه. أو يكون الكلام من باب التجريد والباء ليست صلة ولكنها باء التجريد: سببية، والخبير هو اللَّه تعالى، فإذا سألته فقد سألت خبيراً عالماً.


الصفحة التالية
Icon