آمِنِينَ). وعن قتادة: سأل سائل عن عذاب. على مَن ينزل وبمن يقع، وعلى هذا الوجه مُضمن معنى عني واهتم. ثم تساءل بم يتصل (للكافرين)؟ قلت: بعذاب أو بالفعل دعا أو بواقع. فإن قلت: من اللَّه بم يتصل؟ قلت: بواقع أو بدافع. وتبعه في ذلك أبو السعود. وزاد عليه أبو حيان بتضمين سأل سائل: بحث باحث. وضمن الآلوسي معنى الاهتمام والاعتناء.
أقول: ألسؤال هو عن الحقيقة الكبرى والتي تتصدى السورة لإقرارها في النفوس، وهي من الحقائق العسيرة الإدراك عند المشركين، وقد لقيت منهم معارضة نفسية عميقة، وينكرونها أشد الإنكار. فالسائل يستعجل بوقوع العذاب، ومتى سيكون، وتقرر الآيات أنه قريب، وأن أحدا لا يملك دفْعه أو منْعه فالسؤال عنه من تعاسة السائل المستعجل.
وأرى تضمين السؤال معنى (النَجَز والاستعجال) فهو أسيق من دعا كما ذكر الزمخشري ونقله عنه كثير من المفسرين، لأن السؤال إذا كان بمعنى الدعاء والطلب والمتعدي بالباء - قَالَ تَعَالَى: (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) فلا فاندة هنا من الترادف... فالكفار من باب التهكم والاستهزاء، يتحدون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويستنجزونه وعده بوقوع العذاب واستعجاله استنجز مستنجز بعذاب واقع، فحقيقة الآخرة تلقوها بدهش، وأنكروها بعنف، والعذاب واقع بهم لا محالة، لأنه حاصل بتقدير اللَّه عز وجل، وأن أحدا لا يمكنه دفعه.
ْفالقرآن يواجه المستعجل بوقوع العذاب بسياط لاذعة تفتح الأعين على


الصفحة التالية
Icon