قَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) (١).
ضمن العز (أسرفوا) معنى (جنَوْا) وقال الآلوسي: أسرفوا على أنفسهم: أفرطوا في المعاصي، وضمنها معنى الجناية (جنوا) ليصح تعديه بـ على، والمضمّن لا يلزم أن يكون معناه حقيقيا.
وقال الزمخشري: أسرفوا: جنوا عليها بالإسراف في المعاصي والغُلو فيها. وتبعه البيضاوي. ويرى صاحب الشهاب فيما نقله عنه الجمل: أن الإسراف مجاز لاستعمال المقيد - وهو الإفراط في صرف المال - في المطلق ثم تضمينه معنى الجناية ليصح تعديته بـ (على) والمضمن لا يلزم فيه أن يكون معناه حقيقيا. والإسراف يتضمن معنى الإشراك بالله (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) كما يتضمن معنى الإفراط في المعاصي (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ).
أقول: ولعل تضمين (عَدَوْا) أدل على المراد من (جَنَوْا) لأن جنى على نفسه: أذنب ذنبا يؤاخذ عليه، أما عدا على نفسه: ظلمها وجاوز القَدْر في ظلمها فالعدوان مع سياق القنوط أوْلى من الجناية، فالإسراف على النفس


الصفحة التالية
Icon