مطلق كما مر يشمل الإشراك والإفراط في أنواع المعاصي والعدوان عليها مقيد. ولعل استعمال الإسراف بدلا من العدوان أسوغ مع السياق (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) سياق الرحمة وفتح باب الأمل، فلا يقنطوا ولا ييأسوا ويبقى المسرف على نفسه [وَجِلاً] قلبُه بين اليأس مما حصدت يداه في ظلم نفسه، وبين الرجاء فيما عند الغفور الرحيم. يفتح لهم أبواب رحمته على مصاريعها بالتوبة ويدعوهم إلى الأوْبة إليه غير قانطين ولا يائسين، فمن أسرف في المعصية ولجَّ في الذنب وأَبَقَ عن الحمى وشرد عن الطريق، ليس بينه وبين الرحمة الندية وظلالها الرخية إلا التوبة، وإلا الأوبهَ إلى الباب المفتوح ليس عليه من يمنع، ولا يحتاج الوالج فيه إلى استئذان، ففضل التضمين أنه جمع المعنيين جميعا فالزمه لِشرفه واشدد يدَك به.
لقد كان نسَّاجا يسد خصاصها | بقول كطعم الشُّهد مازجة العَذْبُ |
قَالَ تَعَالَى: (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١).
ذكر الزركشي والسيوطي وابن هشام والمرادي: الباء بمعنى عن. وذهب الزمخشري: إلى أن السعداء يُؤتوْن صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين والأشقياء من وراء ظهورهم وشمائلهم، فجعل النور في الجهتين شعارا وآية. وقال أبو حيان: وقيل الباء (بمعنى) عن، وعبر