أو من باب الحذف والإيصال. التصعيد من أشق السير إرهاقاً يقطع صاحبه الحياة في قلق وكرب وضيق كأنما يصعد في السماء ففي التنزيل: (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا). فَذِكرُ اللَّه والاستقامة على منهجه ينال بهما الغنى والوَفر، والإعراض عنهما يسلبه الرخاء والأمن، ويرهقه عذاباً صعداً ومَعيشة ضنكاً، ويبقى للتسليك إيقاعه في تصوير منظر الضُّر الملازم له، والإرهاق المصاحب له. ومن شرف التضمين أن يضم للمعنى المذكور معاني متنوعات، يُطرّزُ أثوابها السياق بمعونة المقام.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى) (٢).
ذكر الزمخشري: (به) في موضع الحال كما تقول: يستمعون بالهزء أي هازئين، أعلم بما به يستمعون.
وذكر أبو حيان: قال الحوفي: لم يقل يستمعونه أو يستمعونك، وكان مضمنا أن الاستماع كان على طريق الهزء فجاء بالباء ليُعلم أن الاستماع ليس المراد تفهم المسموع.. وقال أبو البقاء: الباء بمعنى اللام. وقال ابن عطيه: فكأنه قال: نحن أعلم بالاستخفاف والاستهزاء الذي يستمعون به أي هو ملازمهم ففضح اللَّه بهذه الآية سرهم. أ. هـ.


الصفحة التالية
Icon