وذكر الرازي: نحن أعلم بالوجه الذي يستمعون به وهو الهزء والتكذيب.
وذكر السمين والجمل: (به) الباء سببية والمعنى: ما يستمعون إليك بسبه وهو الهزء والتكذيب، أو الباء بمعنى اللام، والاستماع كان على طريق الهزء بأن يقولوا مجنون أو مسحور.
وذكر الآلوسي: (به) أي ملبسين به من اللغو والاستخفاف والهزء بك وبالقرآن.
أقول: الباء على أصلها وتضمين استمع معنى (عُني به وشُغل به واهتم) وليس كما قال الجمل من تضمين الباء معنى اللام فهو: - أعني المستمع لهذا القرآن - عنٍ بسمو بيانه، ومبلغ إعجازه، مشغول اللب به، وهذه العناية سبيلها الاستماع (يَسْتَمِعُونَ) وكبراء قريش أذكى من أن يخفى عليهم
ما في التنزيل من سمو وإعجاز ولذلك لم يملكوا أنفسهم من الاستماع به وإليه مع مبلغ الاهتمام والتأثر والانبهار، على شدة ما يمانعون قلوبهم ويدافعونها.
أجل... نحن أعلم بما يُعنَوْن به ويَشغلون أسماعهم به، وتدبر ما فيه ووعيه، فهم يجاهدون قلوبهم أَلا ترق، وعقولهم ألا تنساق وراءه، وفطرتهم ألا تتأثر به، وهم إذ يستمعون إليك ويصغون، يتناجون بما أصاب قلوبهم من سمو إعجازه ولَيانها للحق، بدليل قوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) ثم يتآمرون على أن يحجزوا أنفسهم عن سماع ما خَلبَ عقولهم وقلبوهم ثم يعودون، وليس غريبا أن يذهب الجمل إلى جَعلِ