ومثل ذلك سؤاله - عليه الصلاة والسلام - عن الوضوء بماء البحر فأجابهم وزادهم بحلِّ ميتته.
وبما تقدم من أدلة القولين فقد تبين أن أسعد القولين بالصواب قول من قال: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لسلامة الأدلة وخلوها من معارض صحيح.
ولا يعني الخلاف في المسألة أن الأحكام النازلة بسبب حوادث خاصة أنها تختص بمن نزلت بسببهم، بل هي عامة لهم ولغيرهم حتى على قول من يرى أن العبرة بخصوص السبب لكن الفرق بين القولين أن من يرى أن العبرة بعموم اللفظ يقول أخذنا هذا العموم عن طريق اللفظ العام.
أما من يرى أن العبرة بخصوص السبب فيقولون لم نأخذ العموم في هذه الأحكام من طريق اللفظ العام؛ لأن هذا اللفظ العام مختص بسببه، ولكن أخذنا ذلك العموم من القياس، أي قياس الحوادث المشابهة لما حدث لعويمر، وهلال، وأَوس على ما حدث لهؤلاء والله أعلم.
وبعد ذكر قول الأُصوليين في المسألة سأذكر ما وقفت عليه من أقوال العلماء في اعتبارهم لعموم اللفظ دون خصوص السبب. فأقول:
قال الطبري مقرراً هذه القاعدة: (وأن الآية كانت قد نزلت لسبب من الأسباب ويكون الحكم بها عاماً في كل ما كان بمعنى السبب الذي نزلت فيه) اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد يجيء كثيرًا من هذا الباب قولهم هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إن كان المذكور شخصاً كأسباب النزول المذكورة في التفسير كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت) فذكر كلامًا... حتى قال: (فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص


الصفحة التالية
Icon