(يقضي اللَّه في ذلك) قال: فنزلت آية الميراث فأرسل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عمهما، فقال: (أعطِ ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك).
وآية الميراث هي قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ... ) الآية.
بقي أن يُقال جاء عن أبي أيوب الأنصاري، وابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ما يدل على أنهما يريان أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
فأما أبو أيوب فقد أخرج الترمذي وأبو داود والنَّسَائِي عن أسلم أبي عمران التجيبي قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفاً عظيماً من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا سبحان اللَّه، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري، فقال: يا أيها الناس إنكم لتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز اللَّه الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أموالنا قد ضاعت، وإن اللَّه قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل اللَّه على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرد علينا ما قلنا: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
والجواب أن يقال: لا دلالة في الحديث على اعتبار خصوص السبب دون عموم اللفظ لأن أبا أيوب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يرى الاقتحام في صفوف الأعداء مأذوناً به شرعاً لأنه كان يشاهد ذلك من أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا ينكر عليهم وإذا أُذن فيه شرعاً فلن تنهى الآية عنه، وأما ما عدا ذلك من صور إلقاء النفس إلى التهلكة فإن الآية تتناولها، ولا تختص بمن نزلت فيه وهم الأنصار واللَّه أعلم.
وأما ابن عبَّاسٍ فقد أخرج مسلم وأحمد والبخاري والترمذي والنَّسَائِي أن مروان قال: اذهب يا رافع (لبوَّابه) إلى ابن عبَّاسٍ فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً لنعذبن أجمعون. فقال ابن