فالجواب: نعم فقد قال ابن عطية في قوله: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا) (المراد ما أُخذ من الأسرى من الأموال) اهـ.
وقال في موضع آخر: (والذي أقول في هذا أن العتب لأصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ... ) إلى قوله: (عَظِيمٌ) إنما هو على استبقاء الرجال وقت الهزيمة رغبةً في أخذ المال منهم) اهـ.
فتأمل قوله: (إلى قوله (عَظِيمٌ) إنما هو على استبقاء الرجال رغبة في أخذ المال منهم، فإن هذا عين ما وقع فيه الإشكال.
الثاني: ماذا أفاد قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا... )؟
فالجواب: أنه لما وقع التوبيخ عليهم لأخذهم الفداء تحرجوا حتى من الغنيمة فأمسكوا عنها فبين اللَّه لهم حلها بقوله: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا). فأمرهم بالأكل وأحله وطيَّبه.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن يكون اللَّه قد أَحل الغنائم بهذه الآية؟
فالجواب: هذا لا يقال فقد تقدم حديث ابن عبَّاسٍ عند نزول قوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ) فقد اختلف المشيخة والفتيان في المغنم حتى أنزل اللَّه الآية، والقصة متقدمة لأن الذي نزل عليها أول السورة.
بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن حِل الغنائم قد تقدم قصة بدر، قال ابن العربي: (وقد كانوا غنموا أول غنيمة في الإسلام حين أرسل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد اللَّه بن جحش في رجب مَقْفله من بدر الأولى، إلى أن قال... وعزل عبد اللَّه لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمس الغنيمة، وقسم سائرها بين أصحابه) اهـ.
قال ابن عطية مؤيدًا: (وكذلك ذكروا في هذه الآيات تحليل المغانم لهذه الأمة ولا أقول ذلك لأن حكم الله تعالى بتحليل المغنم لهذه الأمة قد كان تقدم قبل بدر وذلك في السرية التي قُتل فيها عمرو بن الحضرمي) اهـ.


الصفحة التالية
Icon