فأرسل إليَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقرأها عليَّ، ثم قال: (إن الله قد صدقك).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمة. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (وإنما عُني بهذه الآيات كلها فيما ذُكر عبد الله بن أبي ابن سلول وذلك أنه قال لأصحابه: (لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا)، وقال: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) فسمع بذلك زيد بن أرقم فأخبر به رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدعاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عما أُخبر به عنه فحلف أنه ما قاله) اهـ.
قال ابن كثير: (وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبي ابن سلول) اهـ.
وقال السعدي: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) وذلك في غزوة المريسيع، حين صار بين بعض المهاجرين والأنصار بعض كلام كدَّر الخواطر ظهر حينئذٍ نفاق المنافقين، وتبين ما في قلوبهم، وقال كبيرهم عبد الله بن أبي ابن سلول: ما مثلنا ومثل هؤلاء يعني المهاجرين - إلا كما قال القائل: (سمِّن كلبك يأكلك). وقال: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ طلَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) بزعمه أنه هو وإخوانه المنافقين الأعزون، وأن