لعائشة وحفصة، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة: ألا تركبين الليلةَ بعيري، وأركب بعيرك تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبتْ فجاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى جمل عائشة وعليه حفصة، فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يا ربِّ سَلِّط عليَّ عقرباً أو حيَّةً تلدغني، ولا أستطيع أن أقول له شيئاً.
فانظر إلى أيِّ حد بلغت غيرتها من حفصة - رضي الله عنها - مع أنها من حزبها.
ثالثاً: أن كون الساقية زينب يوافق سياق القرآن لأن قوله: (وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ) يدل على أنهما ثنتان لا أكثر.
فيقال: نعم هما ثنتان لا أكثر ولكن ليس في العسل؛ لأن سياق القرآن كما تقدم يأبى هذا.
رابعاً: أن عائشة تصرح بقولها: (تواصيت أنا وحفصة) فيقال نعم قد تواصتا لكن ليس في العسل لأن هذا الحديث معارض بسياق القرآن، وحديث أنس في قصة الجارية، بل وبحديث عائشة من طريق عروة أيضاً.
خامساً: أن الرواية في تظاهرهن على حفصة قد خلت من ذكر النزول، فلم يجيء له ذكر فيها، بينما الرواية في تظاهرهن على زينب قد تضمنت النزول.
فيقال: وهذا يدل على أن رواية عروة عن عائشة التي خلت من النزول أتقن وأحفظ من رواية عبيد بن عمير التي تضمنت النزول.
وبما تقدم يتبين أنه ليس لقضية شرب العسل ارتباط أو صلة بنزول الآيات وأن أثبت الروايتين في حديث العسل عن عائشة رواية عروة بن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لأنها خلت من الشذوذ والتناقض الذي اكتنف رواية عبيد بن عمير وبناءً عليه فالصواب في سبب النزول ما ثبت عند النَّسَائِي من حديث