نتصور أن «الادغام» كان اكثر شيوعا في لهجات القبائل النازحة الى العراق.
ولعل ذلك هو الذي جعل قراء «الكوفة، والبصرة، والشام» اكثر نقلا للادغام من قراء «مكة، والمدينة».
نظرا لان البيئة الحجازية كانت بيئة استقرار، وبيئة حضارة نسبيا فيها يميل الناس الى التأني في النطق، والى تحقيق الاصوات وعدم الخلط بينها.
- والله اعلم-
ظاهرة تخفيف الهمز
الهمز من أصعب الحروف في النطق، وذلك لبعد مخرجها اذ تخرج من اقصى الحلق، كما اجتمع فيها صفتان من صفات القوة: وهما: الجهر، والشدة.
والهمزة صوت صامت حنجري انفجاري، وهو يحدث بأن تسد الفتحة الموجودة بين الوترين الصوتيين وذلك بانطباق الوترين انطباقا تاما فلا يسمح للهواء بالنفاذ من الحنجرة: يضغط الهواء فيما دون الحنجرة ثم ينفرج الوتران فينفذ الهواء من بينهما فجأة محدثا صوتا انفجاريا (١).
لذلك فقد عمدت بعض القبائل العربية الى تخفيف النطق بالهمز.
فمن الحقائق العامة ان الهمز كان خاصة من الخصائص البدوية التي اشتهرت بها قبائل وسط الجزيرة العربية وشرقيها: «تميم» وما جاورها.
وان تخفيف الهمز كان خاصة حضرية امتازت بها لهجة القبائل في شمال الجزيرة وغربيها.
وقد ورد النص في كلام «ابي زيد الانصاري» ت ٢١٥ هـ ان «اهل الحجاز، وهذيل، واهل مكة، والمدينة المنورة لا ينبرون» (٢).
_________
(١) انظر: اللهجات العربية في القراءات القرآنية ص ٩٥.
(٢) انظر: لسان العرب ج ١ ص ٢٢.


الصفحة التالية
Icon