وجاء الضمير مفردا مؤنثا في نحو قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (١) وقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (٢).
«وجاء الضمير مجموعا ومذكرا في نحو قوله تعالى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣) ومجموعا مؤنثا في نحو قول «قيس بن ذريح»:

وكل مصيبات الزمان وجدتها سوى فرقة الأحباب هينة الخطب (٤)
«مهمة» قال علماء البيان: اذا وقعت «كل» في حيز النفي كان النفي موجها الى الشمول خاصة، وأفاد بمفهومة ثبوت الفعل لبعض الأفراد، نحو قولك: «ما جاء كل القوم» «ولم آخذ كل العلم».
وان وقع النفي في حيزها اقتضى السلب عن كل فرد نحو قوله عليه الصلاة والسلام- لما قال له «ذو اليدين» (٥).
أنسيت أم قصرت الصلاة-: «كل ذلك لم يكن» (٦).
«قاتلوا، قتلوا، يقتلون» من قوله تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ (٧).
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ (٨).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بتقديم «قتلوا» وتقديم «يقتلون» الفعل المبني للمجهول فيهما، وتوجيه ذلك ان الواو لا تفيد ترتيبا، أو على التوزيع لأن منهم من قتل ومنهم من قتل.
وقرأ الباقون بتقديم الفعل المسمي للفاعل فيهما، وذلك لأن الفاعل
_________
(١) سورة المدثر آية ٣٨.
(٢) سورة آل عمران آية ١٨٥.
(٣) سورة المؤمنون آية ٥٣.
(٤) انظر: مغني اللبيب ص ٢٥٨ - ٢٦١.
(٥) ذو اليدين، هو: «الخرباق السلمي» صحابي جليل.
(٦) انظر: مغني اللبيب ص ٢٦٥.
(٧) سورة آل عمران آية ١٩٥.
(٨) سورة التوبة آية ١١١.


الصفحة التالية
Icon