ووجه من أسكن الواو أنه جعلها «أو» التي للعطف، على معنى الاباحة، مثل قوله تعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (١).
أي لا تطع هذا الجنس.
فالمعنى: أفأمنوا هذه الضروب من العقوبات، أي: إن أمنتم ضربا منها لم تأمنوا الضرب الآخر.
ويجوز أن تكون «أو» لأحد الشيئين، كقولك: «ضربت زيدا أو عمرا» أي: ضربت احدهما، ولم ترد أن تبين المضروب منهما، وأنت عالم به من هو منهما، وليست هي «أو» التي للشك في هذا، إنما هي «أو» التي لأحد الشيئين غير معين، فيكون معنى الآية: أفأمنوا احدى هذه العقوبات.
وقرأ الباقون «أو أمن» بفتح الواو من «أو» على أن «واو» العطف دخلت عليها همزة الاستفهام، كما تدخل على «ثم» في نحو قوله تعالى: أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ (٢).
ومثله قوله تعالى: أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ (٣).
ويقوّى ذلك أن الحرف الذي قبله، والذي بعده، وهو «الفاء» دخلت عليه همزة الاستفهام:
فما قبله قوله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٤).
وما بعده قوله تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ (٥).
فحمل وسط الكلام على ما قبله، وما بعده، للمشاكلة، والمطابقة، في اتفاق اللفظ في دخول همزة الاستفهام (٦).
_________
(١) سورة الانسان آية ٢٤.
(٢) سورة يونس آية ٥١.
(٣) سورة البقرة آية ١٠٠.
(٤) سورة الأعراف آية ٩٧.
(٥) سورة الأعراف آية ٩٩.
(٦) قال ابن الجزري: أو من الا سكان كم حرم انظر: النشر في القراءات العشر ج ٣ ص ٧٧. والكشف عن وجوه القراءات ج ١ ص ٤٦٨. والمهذب في القراءات العشر ج ١ ص ٢٤٦.